الاثنين، 14 يوليو 2008

زيـــــــــــــــــارة (قصة قصيرة ) !

قصتي الأخيرة ،،
آخر ما كتبته ولا أعلم ان كنت سأستطيع ان اكتب بعدها أم لا !!
أرجو ان تنال اعجابكم





فتح باب الغرفة ،،
كانت تجلس في ذلك الركن المنزوي بالغرفة على الأرض، واضعة يدها حول قدميها ومسندة رأسها الى رجليها ،،
ظللت متسمرا امام باب الغرفة لا أعلم ان كان يفترض بي الدخول ام الرحيل ،،
حينها وكأن سمعت الممرضة افكاري وقررت ان تتخذ هي لي القرار دفعتني بيدها واغلقت الباب ..
ظللت ملتصقا انا الى جانب الباب ،،
مضت شهرين ولم أراها ، لكن ايعقل ان يكون كل ذلك حدث خلال الشهرين .
لم أكن لأصدق لو ما كانت اعز صديقاتها هي التي قالت لي ذلك .
وبالرغم من انني حينما دخلت الى المشفى سألت الاستعلامات عن غرفتها ودلتني الممرضة المتابعة لها الى تلك الغرفة ، الا انني لازلت لا اصدق انها هي ، وبداخلي يقين انها عندما ترفع رأسها لن تكون هي ، وسأكون مضطرا الى قول العديد من الاعتذارات الطويلة .
ولكن ان كانت هي ، لا أصدق ان يحدث كل ذلك في شهرين .

وكأنها اخيرا قد احست بوجود احد غريب معها بالغرفة ، رفعت رأسها ، ونظرت مباشرة بأتجاهي ، انها هي ! ، هي ولكن ،،
ولكنها مختلفة الملامح ليست تلك التي اعتدت رؤيتها ، ربما هي توأمها ، وهل كان لها تواءم ؟
انها هي ، نفسها ، لكن دون ابتسامة ، دون لمعة عينيها البراقة ، دون صوتها الذي يملأ الفراغ بشرا وسرورا ،،
نظرت اليها وانا مذهول ، من تلك العينان الغائرتان ، والوجه الهزيل ، وتلك النظرة التي بلا معنى ، الخالية من الروح ، وشفتاها الذين يبدو انهما تصلبتا على العبوس .
انها هي ! هي لكن لست التي أعرفها ،، !
نظرت الي نظرة خالية ، ورأيت في عينيها الدموع ترسم خطا عريضا لتتهيأ للاندفاع لكنها خفضت رأسها مرة ثانية ،،
فاقتربت منها ، وقلت : كيف حالك ؟
رفعت رأسها ، ونهضت فجأة ، فتحت ثغرها كي تتكلم ثم اغلقته مرة اخرى ونظرت الى الأرض .
مددت يدي اليها : ألن تسلمين علي ؟
تكلمت ، وكأن الكلام يخرج من كهف عميق ، وكأن عجوزا مضى على كلامه مع الناس سنون واعوام : اعلم انك مجرد طيف ، ألا يمكن ان ترحل الآن من فضلك ؟
استهجنت كلامها : طيف ، ماذا تقولين ؟
هزت رأسها بيأس : يبدو انني لن أخرج من تلك المشفى طالما لازال يأتي الى رأسي بذلك الالحاح !!
وصعدت الى السرير ويبدو عليها وكأنها كانت تعاني الكثير في تلك اللحظات .
اقتربت منها وقلت : أكنت تحلمين بي ؟
أشاحت بوجهها بعيدا عني وقالت : لا لن اكلمك ، ليس بعد ، ألا يمكن ان تتركني ؟ قد تعبت !
هززت السرير وقلت : لا لا انا حقيقي ، صدقيني يا عزيزتي !
انتفضت ، ونهضت كالملسوعة : أ..أ..أنت حقيقي ؟ !!
قلت وقد حاولت ان ارسم على وجهي ابتسامة كي اطمئنها : نعم ، نعم انا حقيقي !
بدت على وجهها نظرة حائرة ، ثم وبدون أي انذار ، لطمتني على وجهي !
صرخت انا : ما هذا الذي تفعلينه ؟
قالت وكل جسدها يرتعش : ايها الــحقير !
قلت : ماذا ؟ !!!
قالت : وتجرؤ على ان تأتي الى هنا ؟ اخرج من هنا فورا !
صمت ، لم استطع ان اتكلم ، اتجهت الى الباب ، فاتجهت هي قبلي اليه وهي تنظر الي نظرة لم افهم كنهها ، ظلت واقفة امام الباب ، لا تنطق بحرف ، بل ترسل نظرات ، تارة قاسية وتارة حانية ،،
ثم اخيرا قالت : ما الذي أتى بك ؟ ألم يكفك ما فعلته بي ؟
هنا ، هربت دموعها الحبيسة بين جفنيها ، وجرت على خديها انهارا ،،
احسست كأن نارا تشتعل بجسدي وخرج صوتي هامسا : لم اعلم انه سيحدث لك كل ذلك !
صرخت : ماذا ؟ لم تكن تعلم ماذا ؟ !!
قلت بصوت ربما يكون اخفض من السابق : قد أحببتك !!
قالت وكأنها تؤكد ذلك لنفسها : احببتني ؟ !
ثم استطردت : لم تحب ، لا تتكلم عن الحب فأنت لا تعرف ما هو ، فليس من الحب ان تترك قلب لم يحلم سوى بك ، قلب كانت حياته كلها تتمحور عليك ، على صوتك ، على كلماتك ، حتى انفاسك ، كانت انفاسه تترتب عليها ،قلب كان على استعداد ان يضحي بكل ما لديه ، كل ما لديه ، حتى تكون انت فقط معه الى اخر العمر ،،
سكتت لتسمح بالدموع ان تهبط من عينيها : حب ؟ ! يا لها من كلمة ! غريبة كفاية كي تخرج من بين شفتيك ، انت بالذات تنطقها !! يا للعجب !!
استغنت عن وقفتها التي كانت تمنعني عن الذهاب ، وكأنها كانت تعلم انني سأتبعها ، جلست على طرف السرير ، وظلت انا واقفا لا استطيع الحراك ناظرا اليها ونفسي تلعنني من داخلي ألف مرة على كل ما فعلته ،،
وشيطاني يوبخني على اني جئت اليها من الاساس ،،
قلت : قد فعلت ذلك لأجلك ، اه لو تعلمين ،، !
قالت : لكم رجوتك ؟ ! كم استعطفتك ، ألا تتركني ! بكيت ، صرخت ، لكن ،،
نظرت نظرة في الفراغ وكأنها تتفرج على مشهد ما : لكن صوتك كان باردا ، قاسيا ، كألواح ثلج ، وجمرات نار !!
قالت وكأنها تستمع الى اغنية وترددها : "أنتهينا سلفا من ذاك الموضوع الا يمكن ان تنسينه ؟ !" كم كانت جملة جميلة لتعيدها علي كلما اتصل بك ، او اقابلك ، او حتى احلم بك ،، !
قلت : آسف !!
نهضت وهزت رأسها : آسف ؟ !
اقتربت منها وامسكت يدها وباليد الاخرى ازحت تلك الخصلات التي تعبث على جبينها : اني احبك ، والآن قد عدت اليك ، ها انا بين يديك فافعلي ما شئت !!
نظرت الي تلك النظرة ، التي كانت تنظرها لي حينما نكون وحدنا سويا ، تلك النظرة التي كانت تشعرني حينها انني ملك الزمان والمكان ،،
ازاحت يداي عنها ، وقالت : واسامحك ؟ !
قلت بلهفة : نعم ! فأنا احبك بصدق ولم احب سواك يوما !
قالت : أسامحك ؟ !
قلت : ارجوك ، مستعد لفعل أي شئ تريدينه !!
قالت : أسامحك ؟ !
قلت : ألا استحق ؟ !
قالت : أسامحك ؟ !
فصمتت انا ، قد احسست انها لا تكلمني ، او انها تكلم نفسها ، او ربما صمتت حتى اجد ردا منها ،،
كررت : أسامحك ؟ !
ثم قالت : كنت قد أسامحك اذا حدث ذلك من اسبوعين مثلا ، لكن الآن لا استطيع ، ستأخذ وعاءا كسرته انت لتصلحه ، اذهب واشتري لنفسك وعاءا جديدا كما اعتدت يا عزيزي ، فأنت تحب كل شيئا جديدا ،،
استطردت : نعم ، تحب كل شيئا جديدا ، ،
اتجهت الى الحائط ونظرت اليه وكأنها فقدت الرؤية ، وفجأة ظلت تصدم وجهها بالحائط بطريقة عنيفة ، وهي تصرخ
اندفعت اليها ، امنعها عن ايذاء نفسها ، لكن ،،
لم اعلم ان لها تلك القوة ، ظلت تقاوم ذراعاي الذين كانا يسحبانها ، وترطم رأسها بالحائط بعنف وكأنه ليس لها ،،
ثم اتجهت الى باب الغرفة اصرخ حتى يأتي أحدا ويوقفها ، اتت طبيبة من بعيد ويبدو على وجهها الغضب ،،
صرخت حين دخولها واسرعت تنادي على بعض الممرضات اللواتي مسكنها ووضعوها بالسرير ، وحقنتها الطبيبة في ذراعها ، ويبدو انه مخدر ، فما ان رفعت الطيببة رأسها عنها ، وجدتها قد غطت في نوم عميق ،،
اتجهت الطبيبة الى الباب كي تخرج ، ولكني قلت لها : آسف ، ربما اكون انا السبب في ذلك !! لم اعن ان اضايقها !!
نظرت الي الطبيبة : عم تتحدث ؟ !
قلت لها : قد كنت اتيت اليها هنا في زيارة لأتحدث معها ، واعتذر عم بدر مني ، ولكن يبدو انني قد آذيتها بكلامي وحديثي !!
قالت الطبيبة وهي تبتسم : ومن تكون انت ؟
قلت : أأنت طبيبتها الخاصة ؟
قالت : نعم ، بالتأكيد !
قلت لها : اذن ربما تعرفينني ، انا من تسبب لها بتلك الحالة ، انا الذي تحلم به ، فقد كانت تظنني حلما حينما رأتني ،،
قالت : رأتك ؟!
قلت : نعم !
قالت الطبيبة : حسنا ، بني ، حالتها لا تسمح بأن ترى احدا او تسمع احدا ، فهي تعيش في عالمها الخيالي الخاص ، بالكاد يأتي ادراكها الى عالمنا ، عندما تكون في مثل تلك الحالة التي رأيتها بها ، حينما تكون بتلك الحالة ، تدرك انها بالمشفى وانها تعامل كحالة نفسية ، فيجن جنونها ،،
استطردت وهي تحك رأسها : افترض انها قالت لك انك مجرد حلم ، وبعدها ظلت تسألك عن كونك حقيقي ،، ؟
قلت : نعم !
قالت : هذا هو حديثها اليومي في عالمها الخيالي !!
قلت : لكن ، لكنني قد لمست يداها ، وقد لطمتني على وجهي ،، !
قالت الطبيبة دون اهتمام : ومن يعلم ؟ ! ربما كانت في ادراكها في تلك اللحظة لكن ان تعود الى ادراكها مرة اخرى كالأشخاص العاديين ، لا استطيع ان اعدك بذلك ،،
كانت ستبدأ بالخروج لكنها رجعت الي مرة أخرى : ربما يمكنك ان تأتي مرة اخرى كي تطمئن عليها فلا احد يزورها ، وربما هي تتفاعل معك وتراك ولا ترى سواك ،، ! اتستطيع ان تأتي غدا ؟ !
اعطيتها ظهري وذهبت ، أكل ذلك حدث في شهرين ؟ كم كنت غبيا !
لربما كنت غبيا لانني عدت كي أسأل عنها ، او كنت غبيا لانني تركتها،،،،،

وعندما رن هاتفي ، ،
نسيت كل شئ عن غبائي ، وعنها ، وعن المشفى ، وعن تلك الزيارة ،، !

هناك 7 تعليقات:

تايه في وسط البلد يقول...

اتشرف بأول تعليق

راااااااااائعة واكثر من رائعة

ان المعالجة والحوار والتتابع في ابهي صوره ولا يحتاج الي اي مراعاة

ان الافكار التي يحملها مثل هذا الاسلوب ينبغي فقط ان تزداد عمقا والتصاقا باحوال الحياة الحقيقية اكثر واكثر لكي نفاخر بك العالم

وهذا شيئ يأتي فقط بالتدريج ولا تحتاجين اكثر منه

كل التوفيق والنجاح لك

Unknown يقول...

بداية موفقة

JaN DarK يقول...

تايه في وسط البلد ،،
اتشرف انا بتعليقك ،،
واطراءك الذي اخجلني حقيقة ،،
وانتظر ذاك التدريج ، ربما يأتي وربما لا ،،
تحياتي لك ،،

medus،،
شكرا لك ،،

إنتظارات شاهقة يقول...

ازيك يا جميلة
قصة جمبلة وعميقة اوى
كمان الشخصيات انتى حفرتيها كويس قوى
فظهرت واقعية
عجبنى احساسك بالبنت اوى ووصفك لحالتها
كأنك تقمصتى شخصها
........
.........
كمان انت قلبتى القصة كلها فى اخر سطر
انا كمان مش كنت مصدقة ان اللى يألم الالم الشديد دة لانسانة حساسة زى البنت دى يكون بيحب
هوة فعلا كان غباء منة انة يرجع لها
لان اللى رجعة الشفقة وتأنيب الضمير مش الحب
انا فهمت كدة ولا اية رأيك؟؟
قصة جميلة وحساسة اوى
دام قلمك

JaN DarK يقول...

أحلام اليقظة ،،
سعيدة جدا بمرورك ،،
من ناحية حكاية الشفقة وتأنيب الضمير ،،
والله ما اعرف !
تصدقيني لو قلتلك ان انا شخصيا مش فاهمة انا ليه خليته يتصرف في الآخر كدا ؟!

والله حسيت انها ممكن تكون الطبيعة البشرية ،،
أو شئ من هذا القبيل ، ،
هو نفسه مش فاهم نفسه وحاجات كدا معقدة كتير ،،

بس حكاية الشفقة منطقية جدا جدا ،، !

مبسوطة اوي اوي لتعليقك مرة تانية !

غير معرف يقول...

جاااااااااان ..
بجد حرام عليكي ..
عيشتيني في القصة و قهرتيني علي البنت ..
متهيالي لو الراجل دا موجود بجد كنت موته :D
كنتي تحرقيه ف آخر القصة ولا حاجة :P

حاجة صغنونة بس ..
كلمة "كالملسوعة" دي مضايقاني اوي ..

JaN DarK يقول...

جارا ،،
أحمد صبري ،،
هعتبر حرام عليكي دي أطراء :)
المهم
والله لو كنت حرقته مكنتش هتحس بأي حاجة ،،
وبعدين النهاية كانت طبيعية ،،
حكاية انتصار الخير على الشر والمظلوم ع الظالم دي بقت غير واقعية ،،

من ناحية الملسوعة !
دي كلمة عربية فصحى ،،
ابقى دور عليها ،،
بس هي احتمال عشان مرتبطة معاك بالعامية !!

شاكرة لوجودك مرة تانية